romanynash
مشرف مميز
عدد الرسائل : 96
العمر : 38
تاريخ التسجيل : 07/06/2010
الخميس يونيو 10, 2010 2:49 pm
بسم الله القوى
عن كتاب: القديسون المصريون ـ د. بول شينو دورليان إذا كانت الكنيسة المسيحية فى العالم تعتبر القديس أنطونيوس الكبير بحق أباً للرهبان فى كلالشرق والغرب، فإن القديسة سينكليتيكى تعتبر بدورها أماً للراهبات اللواتى بهرن العالم بقداستهن ونسكهن. وقد عاشت القديسة السنوات الأولى من عمرها فى مقدونيا قبل القدوم إلى الإسكندرية مع أهلها الأثرياء المؤمنين، الذين جذبتهم سير آباء كنيسة الإسكندرية. كانت القديسة سينكليتيكى تتمتع ـ بالإضافة إلى الإيمان والتقوى ـ بثراء كبير وجمال باهر، جذب أنظار الخاطبين الأثرياء.. إلا أنها نبذت العالم وبعد فقدها لأخويها الوحيدين انفصلت عن كل ما يربطها بالعالم، ولم يعد لها أى اهتمام بالحياة المُترفة.
عاشت القديسة سينكليتيكى وهى لم تزل فى كنف والديها حياة النسك والعبادة، حتى تنيح والداها.. فقامت ببيع أملاكها ووزعتها على الفقراء والمحتاجين. ثم تركت قصرها وأخذت أختها الصغرى، وهى كل ما كان لها من أسرتها، وذهبت لتعيش فى مدفن أسرتها بمدخل المدينة. واستمرت فى متابعة حياتها الروحية وعبادتها المستمرة لسنوات طويلة دون أن يشعر بها أحد، إلى أن بدأ الناس يكتشفون مكانها. وسرعان ما بدأت الزيارات تتوالى عليها من صديقاتها القدامى، واللواتى بدأ بعضهن فى أن يلتحقن بها أو يتمثلن بحياتها.. فمكث بعضهن بالمقابر مثلها، ومنهن من اعتكف فى ديارهن وعشن فى حياة النسك والعبادة الحارة. وكن يعتبرنها مرشدتهن فى الصوم والصلاة.. فكانت مثالاً صالحاً لتلك الراهبات.
وكانت مصدر إعجاب الناس كافة، بسبب فضائلها وقداستها، وزُهدها فى العالم كله.. فكانت تنصح تلميذاتها بضرورة اللجوء إلى الصلاة وقمع الجسد، والعفة الكاملة، والفقر الاختيارى الذى لا يدع مجالاً للتجربة بعكس الثراء الذى يُسهل للإنسان الميل إلى المتعة ورفاهية الجسد، والتنعم الذى يقود إلى الشهوة والبُعد عن الله. فكانت ترشدهن وتقودهن فى حياة النسك عن معرفة واختبار حى. وكانت قد بدأت حياتها الرهبانية بأن طلبت من قس مُسن ـ وكان موضع سرها ـ أن يقوم بقص شعرها كعلامة على تركها العالم. وصارت تقمع جسدها وتقاوم المحاربات الشيطانية بأن تنام على الرخام البارد طوال الليل، وتكتفى بالخبز والماء فقط لقوتها اليومى.. وعاشت على هذا الترتيب حتى بلغت الثمانين من عمرها.
وفى هذه السن المتقدمة أصيبت بمرض فى كل جسدها. وكانت تعانى آلام مُبرحة، أعقبتها جروح متقيحة، فى كل وجهها. فقد ضُربت بداء السرطان فى شفتيها وفمها وصار لحمها يتساقط وفقدت أسنانها وتفتت عظام فكها وانتشر المرض فى حلقها ورقبتها. واستمرت على هذا الحال لمدة ثلاث سنوات ونصف. وهى لا تشكو بل كانت شاكرة الرب فى كل حين متقبلة التجربة القاسية بصمود الإيمان الثابت، إلى أن أصيب جسدها كلـه بالمرض اللعين فامتنعت عن الأكل والنوم فى الشهور الثلاث الأخيرة من حياتها.
وقبل نياحتها بثلاثة أيام رأت رؤيا سماوية وإذ بملائكة نورانيين وعذارى حكيمات ينزلن من السماء، ويدعونها لأن تصعد معهن. وبعد هذه الرؤيا تبدلت هيئتها وأصبح وجهها وجسدها محاطين بهالة من النور السماوى العجيب وفقدت إحساسها بمن حولها، وظلت فى حالة من الفرح الإلهى إلى أن دخلت بسلام إلى الفردوس.
وقد كرمها القديس أثناسيوس الرسولى وأقام لها جنازة مهيبة. وهو الذى كتب سيرتها ممثلاً إياها بأيوب الصديق، لتحملها آلام المرض الذى لا يُحتمل، بصبر وإيمان.
بركة صلواتها تكون معنا آمين
|
|
| |